page

Friday, 1 September 2017

ഇസ്തിഗാസ പുണ്യകരം - യു എ ഇ ഔഖാഫ്

 ഔഖാഫ് ഫത്

ഖുര്‍ആനും സുന്നത്തും അറിയിക്കുന്നത് പ്രകാരം യഥാര്‍ഥത്തില്‍ സഹായിക്കുന്നത് അല്ലാഹുവാണ് എന്ന വിശ്വാസത്തോടെ പ്രവാചകന്മാരോടും മഹാന്മാരോടും അവര്‍ കാരണക്കാരെന്ന നിലയില്‍ സഹായം ചോദിക്കല്‍ പുണ്യകരമാണ് എന്നതാണ് പണ്ഡിതന്മാരുടെ അഭിപ്രായം
 الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف - قسم الفتاوى <fatwa@awqaf.ae>
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد .. 
نرحب بكم في الموقع الإلكتروني للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، ونحيطكم علما بأنه تمت الاجابة على سؤالكم رقم: 15386 ونؤكد لكم أن الفتوى المرسلة إليكم خاصة بحالتكم، ولا يؤذن بنشرها وتعميمها على الآخرين إلا بعد أخذ الإذن الرسمي من مركز الإفتاء، فقد يكون السؤال واحداً والإجابة مختلفة بحسب حال السائل. ونشكركم على حسن تواصلكم معنا. 

نص السؤال المرسل: 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ايها الاستاذ الفاضل بعض المسلمين ينادوون يا رسول الله المدد او يا الشيخ البدوي الغوث عند حوائجهم - هل هذا الكلام جائز ام يكون من انواع الشرك بالله عز وجل ؟؟ - وهم يستدلون بقول الصحابة رضي الله عنهم لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند حوائجهم . هل يصح هذا الاستدلال علما بانه صلى الله عليه وسلم كان حيا في ذلك الوقت ؟؟ جزاكم الله خيرا و بارك الله فيكم 

عنوان الإجابة: معنى طلب المدد 

نص الإجابة: 


تمت الإجابة على سؤال سابق شبيه. 

والخلاصة: 


فإن لفظ (مدد يا فلان) داخلٌ في التوسل والاستغاثة، وقد سبق بيان حكمها في الفتوى رقم: 4734.
والقائل: "مدد يا سيدي فلان" إن خاطب حيَّاً فالمراد طلب دعائه، وإرشاده، وتوجيهه، وتربيته، وإن خاطب به ميتاً فالمراد طلب التوسل به إلى الله، والاستشفاع به في قضاء الحوائج، ودفع الجوائح، والتماس بركة مقامه عند الله.
وقد يحمل طلب المدد على معنى طلب الدعاء من الروح، فإن للأرواح حياة خاصة بعد مفارقة الحياة الدنيا.  
وإذا كان التوسل هو طلب الدعاء من العبد الصالح في حياته الدنيا أو حياته البرزخية فلا يصح أن يقال بأنه شرك، لأن الْمُتَوسِّل يَطلبُ منَ الْمُتَوَسَّلِ به أنْ يَدعوَ اللهَ لهُ لِظَنِّهِ فيه أنه أكثر عبودية لله منه، ومن المعلوم عند جميع المسلمين أن الدعاء من حيثُ هو دعاء يعتبر وظيفة العبد، فمن طلب من شخصٍ حيَّاً كان أو ميِّتاً أن يدعو له فقد اعتقد فيه العبودية، ومُسَمَّى العبادة واحدٌ، سواء وجَّهْنَاه إلى الحي أو وجَّهناه إلى الميت، وليس هناك شيءٌ إذا وُجِّه للحي لم يكن عبادة وإذا وُجِّه للميت كان عبادة.
وإذا كان التوسل بالعبد الصالح ليس معناه التوسل بالذات المشخصة من اللحم والدم والعظم، وإنَّما هو توجه إلى الله بما يحمله الشخص من الإيمان والتقوى والصلاح، فإن هذا المعنى الطيب ملازمٌ للرُّوح، سواء تعلقت الروح بالجسد في الحياة، أو تخلصت منه بالموت، والله تعالى أعلم.


ونرسل إليكم جواب السؤال الشبيه للاطلاع والفائدة.. 

نص السؤال المشابه رقم 4734: 

ألحمد للله والصلوة والسلام علي رسوله الريم اما بعد الأستغاثة بالأنبياء والأولياء وغيرهم هي مستحسنة أم لا أجيبو بالقرأن والحديث وأقوال السلف 

العنوان : الاستغاثة بالأنبياء والأولياء 

والجواب: 


 فالاستغاثة هي: طلب الغوث والنجدة عند الشدة ممن يقدر عليها حقيقية وهو الله تعالى؛ أو ممن جعله سببا لها بحوله وقوته ونسبها إليه في كتابه وعلى لسان رسوله مجازا.
وفي هذا يقول: الإمام المجتهد تقي الدين السبكي رحمه الله في كتابه شفاء السقام: (وأما الاستغاثة: فهي طلب الغوث، وتارة يطلب الغوث من خالقه وهو الله تعالى وحده، كقوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ}[الأنفال:9]، وتارة يطلب ممن يصح إسناده إليه على سبيل الكسب) وهي الأسباب ا.هـ.
وعليه فالاستغاثة على نوعين:
الأول: استغاثة مباشرة وهي الاستغاثة بالله تعالى لأنه المغيث حقيقة وهذا مما لا نزاع فيه.
الثاني: استغاثة غير مباشرة بل بواسطة وهي الاستغاثة بالمخلوق وهي على قسمين:
الأول: أن يعتقد أنه يغيث بذاته مع الله أو من دونه فهذا شرك مخرج من الملة بلا نزاع.
الثاني: أن يعتقد أنه يغيث على سبيل التسبب - بالذات أو بالدعاء ونحو ذلك- لكونه مخلوقا مربوباً لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا فضلا عن غيره وأن المغيث حقيقة هو الله تعالى الذي يخلق الغوث عند السبب لا به فهذا جائز بدلالة الكتاب والسنة واتفاق علماء الأمة سلفا وخلفا وهو في معنى التوسل والتشفع.
من أدلة الكتاب:
قول الله تعالى عن موسى عليه الصلاة والسلام: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}[القصص:15]
وجه الشاهد في الآية:
أن الله تعالى ذكر استغاثة هذا الرجل بموسى عليه السلام، ولم ينكره القرآن، ولا أنكره موسى عليه السلام، ولا جُعِلَ ذلك من الشرك، فلو كانت الاستغاثة ممنوعة لذاتها لَمُنِعَتْ هنا.
فإن قيل:  إنّ الممنوع إنما هو الاستغاثة والتوسل بالأموات دون الأحياء.
قلنا: لا معنى لهذا التفريق، لأنه إذا كانت الاستغاثة بالأحياء جائزة، وورد بها القرآن ووقع عليه الإجماع، فكذلك الاستغاثة بالأموات، ولا معنى لأن يكون طلب الفعل من غير الله شركًا تارة، وغير شرك تارة أخرى، فإن فيه نسبة الفعل لغير الله على كل حال، ولا يعتبر المخلوق خالقا ولا فاعلاً في حالتيه :حيا وميتا البتة، بل الفاعل على القطع واليقين هو الله تعالى باتفاق الأمة.
وإن قيل: إنّنا لا نعتقد التأثير الذاتي من الأحياء الذين نطلب منهم المعونة.
قلنا: يجب إذًا أن يكون مناط المنع هو اعتقاد التأثير الذاتي لغير الله تعالى، لا فرق بين الأحياء والأموات، فمن اعتقد التأثير الذاتي في حي أو ميت فقد وقع في الممنوع، ومن لم يعتقد فلا منع ولا حرج.
وإن كان مناط المنع هو تلك السَّبَبِيَّة الظاهرة التي تفهم من ظواهر الألفاظ، وجب أن يكون ذلك كله ممنوعا، حتى طلب الرجل من أخيه أن يعينه في الحمل على دابته، أو بناء داره، أو حفر نهره، إلى غير ذلك، وهذا لا قائل به.
فإن قيل: إن نسبة الأفعال إلى الأحياء إنما تصح مع اعتقاد أنّ الخلق والإيجاد ليس إلا لله تعالى، وأن الحي ليس له إلا الكسب لا غير.
قلنا: كذلك من يطلب من الأموات متوسلاً بهم فإنه يعتقد أن الميت ليس له إلا الكسب لا غير، والقرينة فيهما واحدة، وهي إيمان الطالب من الحي أو الميت أن الله تعالى هو من بيده ملكوت السّموات والأرض وإليه يرجع الأمر كله، وأنّ ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنّه لا خالق غيره، ولا موجد سواه.
وإن كان سرّ المنع عند المانعين هو أن الميت لا يقدر على شيء مما طلب منه.
فنقول:
أولاً: لو سُلِّمَ أن الميت لا يقدر على شيء، فإن من توسل به يكون مخطئاً لا واقعاً في المحذور، لأنه اعتقد ما ليس بسببٍ سبباً، ولكنه في الحالين لم يعتقد في الميت أي معنى من معاني الربوبية.
ثانيًا: ثم إن القول بأن الميت صار ترابًا مخالفٌ لما في القرآن، ولما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من ثبوت حياة الأرواح، وبقائها بعد مفارقة الأجسام، ومناداة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لها يوم بدر بقوله:" يا عَمرو بنَ هِشَام وَيَا عُتبَة بنَ ربيعَة وَيَا فُلانَ بن فلان إنَّا وَجَدنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُم مَا وَعَدَ رَبُّكْم حَقًّا"؟ فقيل له: ما ذلك ؟ فقال:" مَا أنْتُم بِأسمَعَ لِمَا أقُولُ مِنْهم"، متفق عليه.
ومن ذلك تسليمه على أهل القبور بقوله:" السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ"، رواه مسلم.
ومن ذلك إثبات عذاب القبر ونعيمه، وإثبات المجيء والذهاب للأرواح، إلى غير ذلك من الأدلة الكثيرة التي جاء بها الإسلام.
من أدلة السنة:
 حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن لله تعالى ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، فإذا أصابت أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله أعينوني".  أخرجه البزار في كشف الأستار وحسنه الحافظ ابن حجر السخاوي في " الابتهاج " وقال الهيثمي: " رجاله ثقات" . وكان الإمام أحمد يعمل به، فقد قال ابنه عبد الله كما في "المسائل" سمعت أبي يقول: حججت خمس حجج منها ثنتين راكبا  وثلاثة ماشيا، أو ثنتين ماشيا وثلاثة راكبا، فضللت الطريق في حجة وكنت ماشيا، فجعلت أقول: (يا عباد الله دلونا على الطريق). فلم أزل أقول ذلك حتى وقعت الطريق أو كما قال أبي.
ومثله ما وقع للإمام المحدث الفقيه أبي عبد الله محمد بن موسى المراكشي وهو ذاهب إلى الحج فقد قال في كتابه [مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام في اليقظة والمنام] ما نصه: (تِهْتُ عن الطريق وزادني العطش إلى أن أشرفت على الهلاك ويئست من الحياة فقلت: يا محمد مستغيثا بالنبي صلى الله عليه وسلم فسمعت قائلا يقول لي: أرشد فنظرت فإذا شخص لم أُثبت وجهه وعليه ثوب أبيض في سواد الليل فأخذ بيدي وزال عني ما كنت فيه من التعب والعطش ...).
إجماع العلماء:
أجمع العلماء على جواز ذلك، نقله عنهم جماعة ومنهم الإمام تقي الدين السبكي رحمه الله في كتابه القيم[شفاء السقام في زيارة خير الأنام صلى الله عليه وسلم] فقال: اعلم أنّه يجوز ويحسن التوسّل، والاستغاثة، والتشفّع بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى ربّه سبحانه وتعالى، وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكلّ ذي دين، المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين، وسير السلف الصالحين، والعلماء والعوامّ من المسلمين، ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان، ولا سمع به في زمن من الأزمان، ثم ذكر بعض معاصريه ممن أنكر ذلك وقال عنه (فتكلّم في ذلك بكلام يلبّس فيه على الضعفاء الأغمار، وابتدع ما لم يسبق إليه في سائر الأعصار)
وتبع ذلك المنكر غيرَه وحاصل ما قرروه هو: المنع في ثلاث صور:
الأولى: أن يطلب من المستغاث به ولو حيا حاضرا شيئا لا يقدر على تحقيقه عادة ولو كان الطالب يعتقد أنه ليس مستقلا بذلك ولا شريكا مع الله.
الثانية: أن يكون غائبا سواء طَلَبَ منه ما يقدر عليه عادة أو لا ولو كان الطالب يعتقد أنه ليس مستقلا بذلك ولا شريكا مع الله.
الثالثة: أن يكون ميتا سواء كان عند قبره أو بعيدا عنه لأنه لا يسمع فهو في حكم الغائب وعلى القول بسماعه للقريب من قبره فإنه لا يقدر على تحقيق ما طلبه منه لانقطاع عمله لنفسه فغيره أولى. 
والصواب في هذه الثلاث الصور: الجواز ما دام المستغيث يفعل ذلك معتقدا أن من استغاث به سبب للغوث لا موجدا له مع الله أو من دونه.
قلت: (ولا فرق عندنا بين الحياة أو الموت أو الحضور أو الغيبة بل هي من الأسباب التي يجريها الله تعالى على يد عبده تفضلاً وتكرما، ولا يفعل ذلك العبد مع الله ولا دونه شيئا، وعلى هذا فالحياة والموت لا علاقة لهما في الإيجاد والإعدام والنفع والضر بل الكل راجع إلى الله تعالى خلقا وإيجادا، وإنما أسند إلى العبد إسناد سبب لا إسناد خلق وإيجاد، وعلى هذا التقرير نقول بجواز الاستغاثة).
وقد دل على ذلك الكتاب والسنة وتقريرات الأئمة وعملهم على مر العصور والدهور دون التفريق الحادث الذي ذكره هؤلاء المتأخرون.
ولتوضيح ذلك نقول: إن المطلوب من المخلوق على مرتبتين:
المرتبة الأولى: أن يكون مما يقدر المخلوق على تحقيقه عادة فطلبه منه معناه طلب القيام به ذاتيا كاستغاثة المظلوم بمن يقدر على دفع الظلم عنه بيده مثلا كما في قول الله تعالى عن نبيه موسى: {فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه...} وكاستغاثة الغريق بمن له قدرة على إنقاذه بوسيلة معتادة مع الاعتقاد الجازم بأن كل ذلك بإذن الله وإقداره للمغيث على ذلك لا استقلالا منه أو مشاركة مع الله فإنه لو اعتقد أن لمن استغاث به  تأثيرا في إنقاذه مع الله أو من دونه فقد كفر مع أنه استغاث بحي حاضر قادر بل يكفر لو اعتقد فيه ذلك  ولم يستغث به أصلا وهذا لا ينازع فيه أولئك المتأخرون.
وأما ما صح في السنة مما يوهم ظاهره المنع من ذلك فهو مؤول عند الجميع كحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: قوموا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه لا يستغاث بي، إنما يستغاث بالله عز وجل". رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة وهو حسن الحديث.
والمستغاث به في هذه الحادثة حي حاضر قادر، وهذه الصورة يجيزها حتى من يمنع الاستغاثة، ولكنه صلى الله عليه وسلم أراد التأكيد على نفي الإغاثة الحقيقية منه لئلا يتوهمها متوهم من الجهلة من بعده، أما الذين استغاثوا به كالصديق رضي الله عنه فلم يخطر ذلك ببالهم وعليه فيكون معنى هذا الحديث كمعنى الحديث الذي في الصحيحين أن أبا موسى الأشعري وبعض أصحابه رضي الله عنهم طلبوا منه صلى الله عليه وسلم أن يحملهم للغزوا فحلف أن لا يحملهم وأنه لا يجد ما يحملهم عليه ثم جاءه مال فحملهم فراجعوه في حلفه وامتناعه فقال:" مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ".
قال البغوي في شرح السنة: (أضاف النعمة إلى الله سبحانه وتعالى، وإن كان له فيها صنع) وكقوله تعالى {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}[الأنفال:17]ا.هـ.
وبهذه المناسبة نذكر بأن لفظ الاستغاثة بالمخلوق مستعملة في القرآن الكريم كما في قصة موسى عليه الصلاة والسلام وفي السنة الصحيحة كما في صحيح البخاري: أن الناس يوم القيامة استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد....) ونلفت النظر هنا إلى أن ذلك مستعمل أيضا في عرف الصحابة كالصديق رضي الله عنه كما في هذا الحديث.
المرتبة الثانية: أن يكون المطلوب مما لا يَقْدِرُ عليه المستغاثُ به عادةً سواء كان حاضراً أو غائباً حياً أو ميتا، فطلبه منه والحالة هذه يكون معناه طلب دعائه والتشفع بمكانته وجاهه إلى الله، وهذه جائزة بهذا القصد، وإليك جملة من الأدلة وكلام أهل العلم على جواز الصور الثلاث التي منعها أولئك المتأخرون.
الأولى: قولهم: بأن الاستغاثة بالحي الحاضر ممنوعة فيما لا يقدر على تحقيقه عادة ولو على سبيل التسبب  ولو اعتقد المستغيث أنه لا يغيث مع الله أو من دونه.
قولهم هذا مردود بأدلة كثيرة صحيحة واضحة ومنها ما رواه مسلم في صحيحه عن رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الأَسْلَمِىُّ قَالَ: كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَقَالَ لِي:" سَلْ". فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. قَال:"َ أَوَغَيْرَ ذَلِكَ". قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ، قَالَ:" فَأَعِنِّى عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ". ومن المعلوم المقطوع به أن إدخال الجنة والإخراج منها ليس من مقدور النبي صلى الله عليه وآله وسلم عادة ومع ذلك لم ينكر عليه لأنه يدرك مراده وهو طلب الدعاء له بذلك.
ومنها ما رواه البخاري في صحيحه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول عن عَامِرُ بْنُ الْأَكْوَعِ وهو ينشد شعرا: يَرْحَمُهُ اللَّهُ، قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْم:ِ وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ. أي لو أبقيته لنا، والإبقاء بيد الله وحده، ولكن مراد هذا الصحابي أن يدعو له النبي صلى الله عليه وسلم بالبقاء، وإن كان لفظه طلب الإبقاء منه صلى الله عليه وسلم وهو مما لا يقدر عليه عادة وهناك أدلة أخرى على هذه الصورة نكتفي بما ذكرناه ونؤكد أن في كلام هؤلاء الصحابة مجاز يجعله بمعنى التوسل والتشفع.
ولذلك ندعو المخالف إلى تأمل ذلك، وعدم الحكم عليهم بالشرك وليعلم أن ما يقال في حق هؤلاء الصحابة يقال في حق غيرهم من المسلمين لا سيما العلماء الذين صرحوا بمرادهم في مثل تلك الألفاظ ولكن للأسف الشديد لا يزال البعض يصر على نسبتهم إلى الباطل الذي نفوه.
ويكفي المنصف أن يتأمل قول الإمام المجتهد تقي الدين السبكي رحمه الله: (ولا فرق في هذا المعنى بين أن يعبّر عنه بلفظ «التوسّل» أو «الاستغاثة» أو «التشفّع» أو «التجوّه». والداعي بالدعاء المذكور وما في معناه: متوسّل بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لأنّه جعله وسيلة لإجابة الله دعاءه. ومستغيث به، والمعنى أنّه استغاث اللهَ به على ما يقصده، فالباء هاهنا للسببيّة، وقد ترد للتعدية، كما يقول: «من استغاث بك فأغثه».ومستشفع به، ومتجوّه به، ومتوجّه، فإنّ التجوّه والتوجّه راجعان إلى معنى واحد.
فإن قلت: المتشفّع بالشخص مَنْ جاء به ليشفع، فكيف يصحّ أن يقال: يتشفّع به؟
قلت: ليس الكلام في العبارة، وإنّما الكلام في المعنى: وهو سؤال اللهَ بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كما ورد عن آدم، وكما يفهم الناس من ذلك، وإنّما يفهمون من التشفّع والتوسّل والاستغاثة والتجوّه ذلك، ولا مانع من إطلاق اللغة بهذه الألفاظ على هذا المعنى.
والمقصود جواز أن يسأل العبدُ اللهَ تعالى بمن يقطع أنّ له عند الله قدراً أو مرتبة.
ولا شكّ أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم له عند الله قدر عليٌّ، ومرتبة رفيعة، وجاه عظيم، وفي العادة أنّ من كان له عند الشخص قدر: بحيث أنّه إذا شفع عنده قبل شفاعته، فإذا انتسب إليه شخص في غايته، وتوسّل بذلك، وتشفّع به، فإنّ ذلك الشخص يجيب السائل: إكراماً لمن انتسب إليه وتشفّع به، وإن لم يكن حاضراً ولا شافعاً، وعلى هذا التوسّل بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قبل خلقه.
ولسنا في ذلك سائلين غير الله تعالى، ولا داعين إلاّ إيّاه، ويكون ذكر المحبوب أو العظيم سبباً للإجابة، كما في الأدعية الصحيحة المأثورة: "أسألك بكلّ اسم لك، وأسألك بأسمائك الحسنى، وأسألك بأنّك أنت الله، وأعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك" .
وحديث الغار الذي فيه الدعاء بالأعمال الصالحة، وهو من الأحاديث الصحيحة المشهورة فالمسؤول في هذه الدعوات كلّها: هو الله وحده لا شريك له، والمسؤول به مختلف، ولم يوجب ذلك إشراكاً، ولا سؤال غير الله، كذلك السؤال بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ليس سؤالا للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بل سؤال لله به، وإذا جاز السؤال بالأعمال وهي مخلوقة، فالسؤال بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أولى، ولا يُسمع الفرق: بأنّ الأعمال تقتضي المجازاة عليها، لأنّ استجابة الدعاء لم تكن عليها، وإلاّ لحصلت بدون ذكرها، وإنّما كانت-الإجابة- على الدعاء بالأعمال).
وقال التقي السبكي رحمه الله أيضا: (فإن قال المخالف: أنا لا أمنع التوسّل والتشفّع: لما قدّمتم من الآثار والأدلّة، وإنّما أمنع إطلاق «التجوّه» و«الاستغاثة» لأنّ فيهما إيهام أنّ المتجوّه به والمستغاث به، أعلى من المتجوّه عليه والمستغاث عليه؟.
قلنا: هذا لا يعتقده مسلم، ولا يدلّ لفظ «التجوّه» و«الاستغاثة» عليه، فإنّ «التجوّه» من الجاه والوجاهة، ومعناه علوّ القدر والمنزلة، وقد يتوسّل بذي الجاه إلى من هو أعلى جاهاً منه.
و«الاستغاثةَ» طلب الغوث، فالمستغيث يطلب من المستغاث به أن يحصل له الغوث من غيره، وإن كان أعلى منه، فالتوسّل والتشفّع والتجوّه والاستغاثة بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وسائر الأنبياء والصالحين، ليس لها معنى في قلوب المسلمين غير ذلك، ولا يقصد بها أحد منهم سواه، فمن لم ينشرح صدره لذلك فليبك على نفسه، نسأل العافية، وإذا صحّ المعنى فلا عليك في تسميته «توسّلا» أو «تشفّعاً» أو «تجوّهاً» أو «استغاثة»).
الصورة الثانية: الاستغاثة بالحي الغائب سواء كان بما يقدر عليه عادة أو بما لا يقدر عليه ودليلها هو عين دليل سابقتها إلا قول المعترض "كيف يسمع وهو بعيد" فدليله سماع الصحابي -وقيل التابعي- سارية وجيشه لنداء عمر بن الخطاب وهم بعيدون عنه مسيرة تزيد على شهر ويكون حصول ذلك على سبيل الكرامة، والكرامة ثابتة بنص الكتاب والسنة، وما جاز معجزة لنبي جاز كرامة لولي.
قال الحافظ ابن حجر في الإصابة: (أخرج البيهقي في الدلائل واللالكائي في شرح السنة والزين عاقولي في فوائده وابن الأعرابي في كرامات الأولياء من طريق ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر قال: وجَّه عمر جيشاً ورأس عليهم رجلاً يدعى سارية فبينما عمر يخطب جعل ينادي: يا سارية الجبل ثلاثاً ثم قدم رسول الجيش فسأله عمر فقال: يا أمير المؤمنين هزمنا فبينا نحن كذلك إذ سمعنا صوتاً ينادي: يا سارية الجبل ثلاثاً، فأسندنا ظهرنا إلى الجبل فهزمهم الله تعالى، قال: قيل لعمر إنك كنت تصيح بذلك. وهكذا ذكره حرملة في جمعه لحديث ابن وهب وهو إسناد حسن).
 وقال الحافظ في الفتح أَخْرَج أَبُو الشَّيْخ فِي " كِتَاب الثَّوَاب " بِسَنَد جَيِّد بِلَفْظِ " مَنْ صَلَّى عَلَيَّ عِنْد قَبْرِي سَمِعْته، وَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ نَائِيًا بُلِّغْته" وغيره من الصالحين مثله ويؤكد ذلك ما سبق عن عمر وسارية.
و عليه فمن استغاث بنبي أو ولي غائب فإنما قصد أن الله يكرم المستغاث به فيَسْمَعُهُ ويدعُو لَهُ ويشفع له عند الله.
ويؤكد سماع الغائب: سماع الميت وهو في قبره لأنه في حكم الغائب، وسماعه على خلاف المعتاد في الحي، فإنه لو دُفِن حيٌ في حفرة عميقة كعمق حفرة الميت ونودي من على شفيرها لما سمع شيئا، مع أن الميت يسمع خفق النعال عند انصراف مشيعيه، ولذلك قال ابن حجر العسقلاني في فتاويه: (ومن يستبعد ذلك-أي سماع الميت في القبر- فسببه قياسه على الشاهد من أحوال الدنيا، وأحوال البرزخ بخلاف ذلك).
الصورة الثالثة: قولهم بأن الاستغاثة بالميت شركٌ سواء كان عند قبره أو بعيداً عنه، لأنه لا يسمع، فهو كالغائب، وعلى القول بسماعه من استغاث به عند قبره فإنه لا يقدر على تحقيق ما طُلب منه، لانقطاع عمله لنفسه، فعمله لغيره أولى. 
وقولهم هذا مردود لأدلة كثيرة صحيحة وصريحة لا تحتاج إلى كثير تأمل ومنها:
1- استغفار النبي صلى الله عليه وسلم  للمسيء من أمته بعد وفاته.
لأنه قد صح أن الأعمال تعرض عليه وما دام الأمر كذلك فطلب الدعاء منه عند الشدة وغيرها يعرض عليه فهو جائز من باب أولى ولا فرق في هذا بين أن يكون المستغيث قريبا منه أو بعيدا عنه وإن كان في كلام جماعة استحسان القرب والإتيان إليه ولكنه لا ينفي جوازه مع البعد وقد وقع مثل هذا في عصر الصحابة رضي الله عنهم ولم ينكروه ففي حديث: مَالِك الدَّارِيّ - وَكَانَ خَازِن عُمَر - قَالَ " أَصَابَ النَّاس قَحْط فِي زَمَن عُمَر فَجَاءَ رَجُل إِلَى قَبْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّه اِسْتَسْقِ لِأُمَّتِك فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا، فَأَتَى الرَّجُلَ فِي الْمَنَام فَقِيلَ لَهُ: اِئْتِ عُمَر فأقره مني السلام وأخبره أنكم مسقون، وقل له: عليك بالكيس الكيس فأتى الرجل فاخبر عمر، فقال: يارب ما آلوا إلا ما عجزت عنه.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: رَوَاه اِبْن أَبِي شَيْبَة بِإِسْنَادٍ صَحِيح... وَقَدْ رَوَى سَيْف فِي الْفُتُوح أَنَّ الَّذِي رَأَى الْمَنَام الْمَذْكُور هُوَ بِلَال بْن الْحَارِث الْمُزَنِيُّ أَحَد الصَّحَابَة)، وقال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية عن سند هذا الحديث (وهذا إسناد صحيح ) وقال عنه أيضا في جامع المسانيد في مسند عمر (إسناده جيد قوي).  
ومنها حديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ:" حياتي خير لكم، تحدثون وتحدث لكم، ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم، فما رأيت من خير حمدت الله عليه، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم"، قال الحافظ الهيثمي في المجمع: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.
وقال عنه الحافظ العراقي رحمه الله في طرح التثريب: بإسناد جيد. وصححه العلامة القسطلاني في شرح صحيح البخاري والحافظ السيوطي في الخصائص، وملا علي القاري والشهاب الخفاجي في أول شرحيهما على الشفا للقاضي عياض رحمهم الله جميعا.
وفي هذا الأثر إقرار من عمر رضي الله عنه للذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم السُقيا، وعمر ممن أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نلزم سنته، لأنه أحد الخلفاء الراشدين المهديين، والذين منعوا طلب الدعاء منه صلى الله عليه وسلم وغيره بعد الموت رفضوا العمل بهذا الأثر، معتمدين على تضعيفٍ غير وجيه، ليس هذا محل بيانه.
ومنها: ما رواه مسلم في حديث المعراج وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكر كل نبي قال:" فرحب بي ودعا لي بخير".
فالميت يدعو للحي ولو لم يكن ينتفع به لما دعا له فالأنبياء ينزهون عن العبث.
ومن الأدلة على جواز هذه الصورة: حديث عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان بن حنيف فشكا ذلك إليه، فقال له عثمان بن حنيف: ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد صلى الله عليه و سلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك ربي جل وعز فيقضي لي حاجتي، وتذكر حاجتك ورُحْ إلي حتى أروح معك، فانطلق الرجل فصنع ما قال له عثمان ثم أتى باب عثمان فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة وقال حاجتك فذكر حاجته فقضاها له ثم قال له: ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة وقال ما كانت لك من حاجة فأتنا.
ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له:جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته، فيّ فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه و سلم وأتاه ضرير فشكا عليه ذهاب بصره فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أفتصبر؟ فقال يا رسول الله:" إنه ليس لي قائد وقد شق علي، فقال له النبي صلى الله عليه و سلم: إئت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات، قال عثمان: فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضرر قط. رواه الطبراني في الدعاء والمعجم الكبير والصغير وقال: والحديث صحيح أي مع قصته لأن سندها هو عين سند المرفوع الذي رواها به وحكم بصحته من رواية ابن وهب عن شبيب وأقره على ذلك المنذري في الترغيب والترهيب والهيثمي في المجمع ورواية ابن وهب عن شبيب وإن كان فيها ضعف إلا أنه قد تابعه عليها إسماعيل كما عند البيهقي في الدلائل وأحمد كما عند الحافظ عبد الغني المقدسي في الترغيب في الدعاء والمتابعان كلاهما ابن شبيب وأحمد صدوق قوي الرواية عن أبيه كما نص على ذلك الحافظ ابن حجر وغيره.
وأما المرفوع منه فرواه أحمد والترمذي وصححه وابن ماجه في سننهما والنسائي في عمل اليوم والليلة والحاكم وصححه والبيهقي وصححه وكذا المنذري والنووي والذهبي وابن حجر والهيثمي والسيوطي.
وزاد ابن أبي خيثمة في تاريخه من طريق حماد بن سلمة بسند صحيح متين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للضرير ـ بعدما علمه ذلك الدعاء ـ: "وإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك" .
والشاهد من هذا الحديث:
أن فيه إذنا من النبي صلى الله عليه وسلم للرجل أن يدعو بهذا الدعاء كلما كانت له حاجة، وذلك يشمل حالة غياب النبي صلى الله عليه وسلم -وبدون أن يطلب منه الدعاء- وحالة موته أيضا، ومن تأمل سياق الحديث -بقصته وزيادته الصحيحتين- وجد فيه مشروعية التوجه والنداء للنبي صلى الله عليه وسلم والتشفع بذاته، وطلب دعائه في حياته وبعد موته، وفي حالة القرب منه والبعد عنه، ويؤيد الأدلة الأخرى على جواز الصورتين الأخيرتين التين أنكرهما بعض المتأخرين.
ولذلك وجدنا العمل متوارثا بمقتضى هذا الحديث ومن ذلك ما رواه ابن أبي الدنيا في مجابي الدعوة بسند صحيح عن كثير بن محمد بن كثير بن رفاعة قال: جاء رجل إلى عبد الملك بن حيان بن سعيد بن الحسن بن أبجر، فجس بطنه، فقال: بك داء لا يبرأ، قال: ما هو؟ قال: هو الدبيلة، فتحول الرجل، فقال: الله، الله، ربي لا أشرك به أحدا، اللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم، نبي الرحمة، يا محمد، إني أتوجه بك إلى ربك وربي أن يرحمني مما بي رحمة يغنيني بها عن رحمة من سواه - ثلاث مرات ثم دعا إلى ابن أبجر، فجس بطنه، فقال: برأت، ما بك علة. وقد كان ابن أبجر حافظاً ثقةً، من رجال مسلم وأبي داود والترمذي والنسائي.
وقوله: يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك ربي... أي بدعائك وجاهك ومكانتك وقصره على الدعاء فقط تحكم لأن ظاهره توسل بالذات باعتراف كثير من المخالفين وإنما خصوه بالدعاء لأدلة أخرى حسب زعمهم وهي لا تخرج عن هذا اللفظ كقوله: اللهم فشفعه في وشفعني فيه. وفي رواية: وشفعني في نفسي.
فقوله: فشفعه فيّ " أي اقبل شفاعته أي دعاءه فيّ وقوله: وشفعني فيه، أي اقبل شفاعتي أي دعائي في قبول دعائه وتوجهي به إليك، فقصرهم قوله على قبول الدعاء فقط تحكم يحتاج إلى دليل فضلا عن أن يكون دليلا مقيدا لغيره. 
وهنا قد يقول قائل: إن الدعاء والاستغفار بعد الموت خاص بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
وجوابه: أن الأولياء والصالحين مثله بجامع القرب من الله والعناية منه بهم، وإن تفاوتوا في ذلك، ولذلك وجدنا العلماء من مختلف المذاهب يلحقون الصالحين بالنبي صلى الله عليه وسلم في التبرك:
ومنهم الإمام النووي رحمه في شرح مسلم عند حديث أسماء الذي تقول فيه: (هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت عند عائشة حتى قبضت فلما قبضت قبضتها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها).. فإنه قال ما نصه: (وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل عَلَى اِسْتِحْبَاب التَّبَرُّك بِآثَارِ الصَّالِحِينَ وَثِيَابهمْ) مع أن الحديث وارد في حق النبي صلى الله عليه وسلم،  وما التبرك بالآثار إلا نوع من التوسل وما دام التوسل به عن بعد جائزا ويبلغه فكذلك الصالحون.
والحاصل: أن التبرك بأثر الصالحين ملحق بالتبرك بأثره، وأن التوسل بهم ملحق بالتوسل به وأن سماعهم للنداء عن بُعْدٍ ودعاءهم لمن استغاث بهم ملحق به.
مع أنه قد ثبت ذلك أيضا بأدلة صحيحة خاصة ففي كتاب الزهد للإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله قال: أخبرنا ثور بن يزيد عن أبي رهم السماعي عن أبي أيوب الأنصاري قال: إذا قبضت نفس العبد تلقاه أهل الرحمة من عباد الله كما يلقون البشير في الدنيا فيقبلون عليه ليسألوه فيقول: بعضهم لبعض أنْظِرُوا أخاكم حتى يستريح فإنه كان في كرب فيقبلون عليه فيسألونه ما فعل فلان ما فعلت فلانة هل تزوجت فإذا سألوا عن الرجل قد مات قبله قال لهم إنه قد هلك فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب به إلى أمه الهاوية فبئست الأم وبئست المربية، قال فَيَعْرِضُ عليهم أعمالَهم فإذا رأوا حسنا فرحوا واستبشروا وقالوا هذه نعمتك على عبدك فأتمها وإن رأوا سوء قالوا اللهم راجع بعبدك، قال ابن صاعد وهو راوي كتاب الزهد عن ابن المبارك رواه سلام الطويل عن ثور فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد سلَّم بصحته بعض المعارضين في هذه المسائل فقال: إسناد الموقوف صحيح... وكونه موقوفا لا يضر فإنه يتحدث عن أمور غيبية لا يمكن أن تقال بالرأي فهو في حكم المرفوع يقينا ولا سيما وقد روي مرفوعا من طريق عبد الرحمن بن سلامة أن أبا رهم حدثهم أن أبا أيوب حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذكره بنحوه أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ... قال: كان عبد الرحمن بن سلامة يحدث به. وهذا إسناد ضعيف ... والطريق الذي قبله خير من هذه ولم يتعرض لذكرها الهيثمي وكنت قد خرجتهما في الضعيفة (رقم 864) ولم أكن قد وقفت على الطريق الأولى الموقوفة الصحيحة ولذا وجب نقلهما منها إلى هنا وكذا الحديث الذي هناك (863) من حديث أنس رضي الله عنه ينقل إلى هنا لأن معناه في عرض الأعمال على الأموات) انتهى كلامه رحمه الله.
وحديث أنس الذي أشار إليه رواه أحمد في مسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الأموات فإن كان خيرا استبشروا به وإن كان غير ذلك قالوا اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا".
وقال القرطبي في التذكرة بعد ذكره للأحاديث السابقة (هذه الأخبار وإن كانت موقوفة فمثلها لا يقال من جهة الرأي).
وليعلم أن المؤمنين جميعا أحياء حياة برزخية تنعم أرواحهم في الجنة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:" إن أرواح المؤمنين في أجواف طير خضر تعلق بشجر الجنة". رواه ابن ماجه في سننه والحربي في غريب الحديث  وابن منده في المعرفة وسنده صحيح، فطلب الغوث منهم على سبيل التسبب مع ثبوت حياتهم وصحة دعائهم للإحياء لا مانع منه.
والحاصل: أن الشأن كله فيما يقوم بقلب المستغيث سواء كانت استغاثته بحي حاضر أو بغائب فإنه إن قام بقلبه إشراكه مع الله أو من دونه فهو كافر ولو كان المستغاث به حيا قادرا على ما طُلب منه وإلا فلا حرج عليه لأنه في الحقيقة مستغيث بالله.
وأخيرا يحسن أن نختم بأمرين:
الأول: أن نسبة الفعل إلى من كان سبباً فيه سواء كان مما يقدر عليه عادة أوْ لا أمر مقَرَّرٌ لغةً وشرعاً فقد جاء في الكتاب والسنة نسبة ما لا يقدر عليه العبد عادة إليه في مواطن كثيرة.
ومنها: أن الله نسب في القرآن إلى الطواغيت، وهي الشياطين وزعماء الكفار إخراج عموم الكفار من نور الاستعداد والهداية الفطرية إلى تأَصُّل ظلمات الكفر والعناد في قلوبهم مع أن هؤلاء الشياطين والزعماء لا قدرة لهم على ذلك حقيقة بل الله هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء، ولكن لما كانوا سبباً للإخراج، نسبه إليهم فقال سبحانه: {والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات}[البقرة:257]، ومعلوم أيضا أن توفي الأنفس من خصائص الله تعالى، قال سبحانه: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}[الزمر:42].
ومع كون ذلك بيده وحْدَهُ حقيقةً وإيجاداً، إلا أنه قد نَسَبَه إلى بعض خلقه الذين هم سبب فيه، فقال سبحانه وتعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ }[السجدة:11] فنسب الله التوفي إلى ملك الموت ولا تعارض بين الآيتين فإن الله نسب التوفي إلى نفسه في الآية الأولى نسبة حقيقية، ونسب ذلك إلى ملك الموت في الثانية نسبة مجازيةً، وليس في ذلك إخلالاً بحق التوحيد.
وفي الصحيحين وغيرهما في حديث الاستسقاء أنه كان من دعائه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً "، قال جماعة من شراح الحديث والفقهاء من مختلف المذاهب إن معنى "مغيثاً" : منقذاً من الشدة مع أن الغيث الذي هو المطر جماد لا قدرة له أصلا؛ ولكنه لما كان سببا للإنقاذ والإغاثة، نسب ذلك إليه.
وقد اشتهر في كلام العرب قولهم: أنبت الربيعُ البقلَ، وقولهم: منع البقاءَ تقلبُ الشمس، مع أن المنبت في الحقيقة هو الله،  والمانع لبقاء الحي حيا في الدنيا هو الله وليس تقلب الشمس، والأمثلة على هذا من الكتاب والسنة وكلام العرب كثيرة جدا والتوفيق بينها ما ذكرناه سابقا.
الأمر الثاني: نَقْلُ جملة من أقوال العلماء المجوزين للاستغاثة بالمخلوق الحي والميت فيما لا يقدر عليه عادة ولكن على سبيل التسبب كما قررناه سابقا ومنهم:
1-الإمام ابن المقرئ محمد بن إبراهيم الأصبهاني.
المولود سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ وهو الذي قال عنه الحافظ الذهبي في ترجمته في سير أعلام النبلاء: (الشَّيْخُ، الحَافِظُ، الجَوَّالُ، الصَّدُوْقُ، مُسْنِدُ الوَقْتِ) ثم أورد عنه ما نصه: (وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَلِيٍّ، قَالَ:كَانَ ابْنُ المُقْرِئِ يَقُوْلُ: كُنْتُ أَنَا وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ بِالمَدِيْنَةِ، فضَاقَ بِنَا الوَقْتُ، فَوَاصَلْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ، فَلَمَّا كَانَ وَقتُ العشَاءِ حضَرتُ القَبْرَ، وَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ الجُوْع، فَقَالَ لِي الطَّبَرَانِيُّ:اجلسْ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الرِّزْقُ أَوِ المَوْتُ، فَقُمْتُ أَنَا وَأَبُو الشَّيْخِ، فحضرَ البَابَ عَلَوِيٌّ، فَفَتَحْنَا لَهُ، فَإِذَا مَعَهُ غُلاَمَانِ بِقفَّتَيْنِ فِيْهِمَا شَيْءٌ كَثِيْرٌ، وَقَالَ: شَكَوْتُمُونِي إِلَى النَّبِيِّ  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ رَأَيْتُهُ فِي النَّوْمِ، فَأَمَرَنِي بِحَمْلِ شَيْءٍ إِلَيْكُمْ).
الشاهد: طَلَبُ الإمام الحافظ ابن المقرئ الطعام من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو في قبره وذلك مما لا يقدر عليه عادة ونحن نجزم أنه قصد التوسل والتشفع به، ولو كان مجرد هذه الاستغاثة منكراً لما ساغ لهذا الإمام فعلها، ولما أقره عليها صاحباه - الإمام الطبراني، والإمام أبو الشيخ ابن حيان -، ولما ساغ للإمام الذهبي أن يورد هذا الأمر وينسبه إليهم دون أن يعقب عليه.
2-الإمام أبو الشيخ عبد الله بن محمد.
وقد سبق موقفه مع الإمام ابن المقرئ، والإمام أبو الشيخ هو الذي قال عنه الإمام الذهبي في ترجمته في سير أعلام النبلاء: (الإِمَامُ، الحَافِظُ، الصَّادِقُ، مُحَدِّثُ أَصْبَهَانَ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ حَيَّانَ، المَعْرُوفُ بِأَبِي الشَّيْخِ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ).
3- الإمام الطبراني سليمان بن أحمد.
وسبق موقفه مع الإمام ابن المقرئ، والإمام الطبراني وهو إمام شهير، قال عنه الإمام الذهبي في السير: (الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، الرَّحَّالُ، الجَوَّالُ، مُحَدِّثُ الإِسلاَمِ، علمُ المعمَّرينَ، أَبُو القَاسِمِ سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَيُّوْبَ بنِ مُطَيّرٍ اللَّخْمِيُّ، الشَّامِيُّ، الطَّبَرَانِيُّ، صَاحبُ المَعَاجِمِ الثَّلاَثَةِ، مَوْلِدُهُ:بِمدينَةِ عكَّا، فِي شَهْرِ صَفَرٍ، سنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ).
4- الإمام محمد بن محمد العبدري المالكي الشهير بابن الحاج.
فإنه قال في المدخل ما نصه (وَأَمَّا عَظِيمُ جَنَابِ الْأَنْبِيَاءِ، وَالرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ فَيَأْتِي إلَيْهِمْ الزَّائِرُ وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ قَصْدُهُمْ مِنْ الْأَمَاكِنِ الْبَعِيدَةِ، فَإِذَا جَاءَ إلَيْهِمْ فَلْيَتَّصِفْ بِالذُّلِّ، وَالِانْكِسَارِ، وَالْمَسْكَنَةِ، وَالْفَقْرِ، وَالْفَاقَةِ، وَالْحَاجَةِ، وَالِاضْطِرَارِ، وَالْخُضُوعِ وَيُحْضِرْ قَلْبَهُ وَخَاطِرَهُ إلَيْهِمْ، وَإِلَى مُشَاهَدَتِهِمْ بِعَيْنِ قَلْبِهِ لَا بِعَيْنِ بَصَرِهِ ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَبْلَوْنَ وَلَا يَتَغَيَّرُونَ ، ثُمَّ يُثْنِي عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ وَيَتَرَضَّى عَنْ أَصْحَابِهِمْ، ثُمَّ يَتَرَحَّمُ عَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ، ثُمَّ يَتَوَسَّلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِهِمْ فِي قَضَاءِ مَآرِبِهِ وَمَغْفِرَةِ ذُنُوبِهِ وَيَسْتَغِيثُ بِهِمْ وَيَطْلُبُ حَوَائِجَهُ مِنْهُمْ وَيَجْزِمُ بِالْإِجَابَةِ بِبَرَكَتِهِمْ وَيُقَوِّي حُسْنَ ظَنِّهِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ بَابُ اللَّهِ الْمَفْتُوحِ، وَجَرَتْ سُنَّتُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي قَضَاءِ الْحَوَائِجِ عَلَى أَيْدِيهِمْ وَبِسَبَبِهِمْ، وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الْوُصُولِ إلَيْهِمْ فَلْيُرْسِلْ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ، وَذِكْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ حَوَائِجِهِ وَمَغْفِرَةِ ذُنُوبِهِ وَسَتْرِ عُيُوبِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ السَّادَةُ الْكِرَامُ، وَالْكِرَامُ لَا يَرُدُّونَ مَنْ سَأَلَهُمْ وَلَا مَنْ تَوَسَّلَ بِهِمْ، وَلَا مَنْ قَصَدَهُمْ وَلَا مَنْ لَجَأَ إلَيْهِمْ هَذَا الْكَلَامُ فِي زِيَارَةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْمُرْسَلِينَ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عُمُومًا)ا.هـ ولا يصح أن يقال إن الإمام ابن الحاج المالكي وقع في الكفر الأكبر المخرج من الملة بكلامه هذا لما علمته سابقا.
5- محمد بن محمد بن مصطفى الخادمي الحنفي.
فإنه قال في بريقة محمودية:(وَيَجُوزُ التَّوَسُّلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالِاسْتِغَاثَةُ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ لِأَنَّ الْمُعْجِزَةَ وَالْكَرَامَةَ لَا تَنْقَطِعُ بِمَوْتِهِمْ، وَعَنْ الرَّمْلِيِّ أَيْضًا بِعَدَمِ انْقِطَاعِ الْكَرَامَةِ بِالْمَوْتِ وَعَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَلَا يُنْكِرُ الْكَرَامَةَ وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا رَافِضِيٌّ وَعَنْ الْأُجْهُورِيِّ الْوَلِيُّ فِي الدُّنْيَا كَالسَّيْفِ فِي غِمْدِهِ فَإِذَا مَاتَ تَجَرَّدَ مِنْهُ فَيَكُونُ أَقْوَى فِي التَّصَرُّفِ كَذَا نُقِلَ عَنْ نُورِ الْهِدَايَةِ لِأَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ).
6- الإمام المحدث الفقيه ابن الصلاح الشافعي رحمه الله.
 فقد قال في آداب المفتي والمستفتي وهو يتكلم عن معجزات النبي صلى الله عليه وسلم: (فإنها ليست محصورة على ما وجد منها في عصره صلى الله عليه وسلم بل لم تزل تتجدد بعده صلى الله عليه وسلم على تعاقب العصور وذلك أن كرامات الأولياء من أمته وإجابات المتوسلين به في حوائجهم ومغوثاتهم عقيب توسلهم به في شدائدهم براهين له صلى الله عليه وسلم قواطع ومعجزات له سواطع ولا يعدها عد ولا يحصرها حد أعاذنا الله من الزيغ عن ملته وجعلنا من المهتدين الهادين بهديه وسنته).
7- الإمام الفقيه تقي الدين الحصني الشافعي.
فإنه قال: (والمراد أن الاستغاثة بالنبي واللواذ بقبره مع الاستغاثة به كثير على اختلاف الحاجات، وقد عقد الأئمة لذلك باباً، وقالوا: إن استغاثة من لاذ بقبره وشكى إليه فقره وضره توجب كشف ذلك الضر بإذن الله تعالى).
8- الإمام شهاب الدين أحمد الرملي الشافعي.
فإنه قال في فتاويه ما نصه: (الِاسْتِغَاثَةَ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ جَائِزَةٌ وَلِلرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ إغَاثَةٌ بَعْدَ مَوْتِهِمْ؛ لِأَنَّ مُعْجِزَةَ الْأَنْبِيَاءِ وَكَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ لَا تَنْقَطِعُ بِمَوْتِهِمْ).
9-الإمام المجتهد تقي الدين علي السبكي الشافعي.
 في شفاء السقام وقد سبق كلامه وقد أيده عدد من العلماء الذين نقلوا كلامه مستشهدين به أو مثنين على كتابه وهم بذلك يعتبرون مصرحين بجواز الاستغاثة ومنهم.
10- الإمام المحدث الفقيه ولي الدين أبو زرعة العراقي الشافعي في كتابه طرح التثريب.
 11- الإمام خليل بن أيبك الشيخ صلاح الدين الصفدي الشافعي في كتابه الوافي بالوفيات.
12- الإمام المحدث الفقيه جلال الدين السيوطي الشافعي. في كتابه حسن المحاضرة.
13- العلامة الفقه المحدث ابن حجر الهيتمي الشافعي.
فقد قرر ذلك في كتابه الجوهر المنظم ونقله عن التقي السبكي وغيره وأطال في ذلك بما يكفي ويشفي فليرجع إليه ولولا خشية الإطالة لنقلت كلامه هنا.
وهناك من نقل عن غيره استغاثات مقرا لها أو ساكتا عنها ومنهم:
14- الإمام المحدث ابن عساكر الدمشقي الشافعي.
15- الإمام أحمد بن الحسين البيهقي الشافعي. في شعب الإيمان .
ولو ذهبنا نسرد بقية من قرر ذلك أو نقله عن غيره لطال المقام وفيما ذكرنا -من أدلة الكتاب والسنة وكلام هؤلاء الأئمة- كفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.



والخلاصة:


الاستغاثة بالأنبياء والأولياء على سبيل التسبب مع اعتقاد أن المغيث حقيقة هو الله مستحسنة عند أهل العلم رحمهم الله لدلالة الكتاب والسنة على ذلك.



مع تحيات الموقع الإلكتروني للمركز الرسمي للإفتاء بدولة الإمارات العربية المتحدة 



هذه الفتوى ارشادية، ولا تُعدُّ وثيقة لفض النزاعات وإثبات الحقوق أمام المحاكم والجهات المختصة